خطأ
  • XML Parsing Error at 9:12. Error 76: Mismatched tag

إذا أردنا التطور في أوساط التربية و التعليم…

الثلاثاء, 04 تشرين1/أكتوير 2011 10:08
نشرت في أخبار

إن آية الله الهادوي الطهراني من زمرة العلماء الشباب و المفكّرين في الحوزة و قد حظي باستقبال كثير في الأوساط الشبابية في السنوات العشر الأخيرة. إنه أستاذ دروس خارج الفقه و الأصول في الحوزة العلمية بقم و يعتبر خبيرا في المسائل الثقافية و الاجتماعية.

لقد عقدنا حوارا مع هذا الأستاذ الذي هو عضو في هيئة الأمناء لجمعية الحكمة و الفلسفة في إيران على أعتباب أسبوع المعلم لننظر إلى المعلم و التعليم من خلال الرؤية التربوية الدينية. فما يلي هو مشروح حوارهم مع العدد الخاصّ من قلم مهر.

إن التربية و التعليم تتعامل مع عدد كبير من مجتمعنا و منذ أوائل الثورة كانت محل اهتمام كبير. في عام 1997، كان سماحة السيد القائد بصفته رئيس الجمهورية و رئيس المجلس الأعلى للثورة الثقافية بالإضافة إلى اهتمامه بموضوع التطور في الجامعات كان يؤكد على هذه القضية و هي أن تطور الجامعات لا يمكن بدون التطور في التربية و التعليم.

إن هذه التأكيدات أدت إلى تدوين خطة "التربية و التعليم للجمهورية الإسلامية" و قد خضعت لدراسة عدد من الخبراء في عام 1997. و هناك أعمال كثيرة أنجزت لإعداد هذه الخطة في المجال النظري من الأبحاث الإسلامية و أحد هذه الأعمال هو مطالعة تفسير الميزان بنظرة الاستفادة في عملية التربية و التعليم.

إن التعلم تكليف

لقد جاء الأنبياء في سبيل تطبيق هذا الآية (َ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُم‏) و أن يزكوا الناس من جانب و يعلموهم من جانب آخر. و كان التعليم في رؤية الأنبياء لغرض التزكية. إذن عمل الأنبياء يتحقق في عملية التربية و التعليم. و لا ينبغي أن ننظر إلى هذا الشغل كمهنة من المهن، فيكون رجل نجار أو حداد و الآخر معلم.

الرؤية الإسلامية تجاه التربية و التعليم و خاصة في الثقافة الدينية هو أنك تتعلم و إن هذا التعلّم تكليف. و من جانب آخر قد جاء في الإسلام أن التعليم تكليف أيضا و أن زكاة العلم نشره. فباعتبار وجود هذين التكليفين يرد سؤال و هو أنه كيف يدير هذان الفريقان أمرهما و معيشتهما. الجواب هو أن الحكومة الإسلامية مكلفة بتمويل و دعم هذين الفريقين.

أضيف هذه النقطة و هي أن في الثقافة الرأسمالية قد تحول العلم إلى سلعة تجارية و أصبح يباع و يشترى كباقي البضائع. و لهذا من الطبيعي جدا في هذه الثقافة أن نقول بأني أعطيك علمي و في المقابل أقبض هذا المبلغ. أما في الثقافة الإسلامية يعدّ العلم أمرا مقدسا و التعلّم و التعليم كلاهما تكليف، و من وظائف الدولة أن تدعمك و تحميك.

إن طمأنة المعلم أمر مهم

إن الأولوية بين التربية و التعليم للتربية. الهدف الرئيس هو أن نربّي إنسانا صالحا و مفيدا للمجتمع. و الصالح و المفيد بمعنى الإنسان الذي يعرف تكاليفه الشرعية. الذي يشفق على الناس و يؤدي تكليفه تجاههم بشكل صحيح. و هذا هو نتاج التربية و التعليم. قد يكون الإنسان لم يتجاوز الدبلوم و لكنه يجب أن يربّى في التربية و التعليم بحيث يصبح إنسانا مفيدا. و هذا هو نتيجة عملية التربية في المدرسة و التي هي أوسع نطاقا من التعليم بكثير.

القضية الأخرى في مجال التربية و التعليم هو أنه يتمّ التعليم من خلال عملية الفرض على الطالب، و بهذا السبب ينفر الطالب من التعليم. يجب أن يتربى الطالب على حب العلم و التعلم. و في سبيل هذه الأهداف لابد من تغيير القيم الحاكمة على أجواء التربية و التعليم و يوفر الأمن الوظيفي و الاطمئنان النفسي للمعلم و أن يتعرف المعلم على القيم الدينية. يجب أن يعرف هذا المعلم بأنه إن ربّى نفرا واحدا فإن تأثير عمله في الدنيا و الآخرة سيكون أكثر من العمل ألف سنة.

يجب أن يكون المعلم جذابا

الإنسان الذي يجعل نفسه في موقع التعليم يجب أن يلتفت إلى قضية مهمة، و هي أن عمله و سلوكه يؤثر قبل كلامه. كيف كان الناس ينجذبون إلى سيرة النبي (ص)؟ فقد جاء في القرآن: (ْلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَليظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك‏) فيجب أن يكون المعلم جذابا و أحد عوامل جذابيته هو اللين في التعامل. من المسائل التي يجب أن يهتم به المعلمون هي الخصائص الفردية. إن الانضباط و النظم العام يسبب تعلق الطلاب بالدروس. الالتفات إلى الخصائص الفردية لدى الطلاب أمر مهم جدا و يجب أن تعرف.

أنا قد درّست سابقا في المتوسطة. لقد كان لنا طالب في المدرسة و قد أجمع جميع المعلمين على أنه ليست لديه القدرة على تعلم أي درس، و لكنه كان يحصل على درجات عالية في درسي فقط و كان درس العلوم. إذ كنت قد عرفت شخصية هذا الطالب و تقربت إليه و اعتمدت عليه. يجب أن نهتم بهذه المسائل.

الطالب أمانة بيد المعلم

إن لم تكن لدى المعلم عقيدة في التدريس و مدى تأثيره، و قد فرض عليه هذا العمل، من البعيد أن يستطيع أن يكون مؤثرا في عمله. في أيام الدراسة في جامعة شريف الصناعية كان لدينا أستاذ في الرياضيات و كان درسه مزدحما. فقال لي طالب أحد الأيام: "أنا لا أفهم ماذا يقول الأستاذ، و لكني على يقين بأن درسه جذاب و ممتع جدا." هذه هي رغبة الأستاذ التي قد انتقلت إلى الطالب. يستطيع المعلم بتصرفه أن يرغّب الطالب أو يسلبه الرغبة. العامل المؤثر الآخر في التربية و التعليم هو احترام الطالب. و هذا الاحترام يؤدي إلى احترام الطالب للمعلم أيضا. نحن لدينا روايات كثيرة في أسلوب التعامل بين المعلم و المتعلم و حسب رأيي كلها تجتمع في كلمة "الاحترام". يجب أن يلتفت المعلم أن الطالب وديعة و أمانة بيده. فإن ساءت أخلاق هذا الطالب أو سئم الدرس و الدراسة بسبب تعامل المعلم فإنه مسؤول. و في المقابل إن ربيتم إنسانا واحدا فكل حسناته تصل إليكم أيضا. يجب أن نلتفت إلى هذه المسؤولية في تصرفاتنا و سلوكنا و كلما كان الطالب أصغر كان التأثير أكثر و يتّسع مدى تأثره من المعلم.

إحياء شأن المعلمين في سبيل تعزيز دورهم التربوي

إن المعلم يشفق بالطالب و شعوره بأنه الأب الثاني أو الأم الثانية للطالب له تأثير على سلوكه و يوجد المحبة بين الطالب و المعلم. إن سادت هذه المسائل على أوساطنا التعليمية و أصبح تعامل المعلمين من الطلاب و المعلمين معا و تعامل الكل جميعا على أساس الاحترام و الأدب و الأخلاق الإسلامية، سنرى كيف تتطوّر الأجواء التعليمية بشكل كامل.

إن إحياء شخصية المعلم و مكانته في المجتمع مؤثر في تكوين الدور التربوي للمعلمين.

إن روح المسائل التعليمية تتمثل في عقيدة المعلم و مدى تقييمه للعمل. عند ذلك يتبلور دور الوسائل المعينة في التعليم. أما إذا أبلغنا دستورا في وجوب استخدام الوسائل المعينة، يأخذ ذلك طابع رفع التكليف و لا يؤثر شيئا. لابد للمعلم أن يثير حب استطلاع الطلاب من خلال استخدامه للوسائل المعينة. و القضية الأخرى هي أن المعلم المؤمن و المتدين يجب أن يذكّر الطلاب بآيات الله، فإنه عندما يواجه الطالب هذه المفاهيم بشتى الطرق في دروس الكيمياء و الفيزياء ستثبت في روحه.

إن إيجاد الارتباط بين الوسائل المعينة للتعليم و بين حياة الطلاب من القضايا المهمة في حركة التعليم. يجب أن يكون أسلوب التعليم بحيث يدرك الطالب أن هذه التعاليم تفيده في حياته. و هذا ما يحبب الدرس إلى الطالب.

إن طبقة المعلمين طبقة كادحة و يجب أن يعرف قدرهم في المجتمع و أن يرفع شأنهم و مستواهم في المجتمع. لا ينبغي أن يقتصر الاهتمام بالمعلمين في أسبوع المعلم فقط. يجب أن نهتمّ بالمعلمين و التعليم في طول أيام السنة و يجب أن نلتفت إلى أن هؤلاء هم الذين يربّون الخلايا الرئيسة في المجتمع. و على المعلمين أنفسهم أن يعرفوا قدر أنفسهم و يباشرون بعملهم المقدس بكل شوق و رغبة.[1]

 


[1] . مشروح خطاب آية الله الهادوي الطهراني بمناسبة اسبوع المعلم، المنشور في مجلة قلم مهر گلستانه (العدد الخاص بأسبوع المعلم "حوار مع محمد علي حسينيان") ارديبهشت 90.