خطأ
  • XML Parsing Error at 9:12. Error 76: Mismatched tag

تنقيح الأسس النظرية و دعم المنظّرين؛ طرق تحقق العلوم الإنسانية الإسلامية

الإثنين, 20 شباط/فبراير 2012 13:44
نشرت في أخبار

قسم الفكر (انديشه): لا تتحقق العلوم الإنسانية الإسلامية برفع الشعار و حسب، بل يجب أن ننقّح الأسس النظرية في هذا الأمر و أن ندعم أولئك الذين ينتجون هذه الأسس النظرية بدعم مادي و معنوي.

أفادت وكالة الأنباء القرآنية الإيرانية (إيكنا) أن آية الله الهادوي الطهراني، أستاذ دروس خارج الفقه و الأصول في الحوزة العلمية بقم في برنامج ختامية المؤتمر الوطني الثاني للعلوم الإنسانية (في مهد القيم الإسلامية) التي عقد ليلة الأمس، 02/01/2012 بحضور أساتذة العلوم الإنسانية و جمع من الشخصيات البارزة في العلوم الإنسانية، في قاعة أبو ريحان في مركز الدراسات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي، تكلم حول نظرية "الفكر المدوّن في الإسلام" و خلفية النشاطات المنجزة في مجال العلوم الإنسانية و بعض الإخفاقات الموجودة في هذا المجال.

و اعتبر البيان الختامي للمؤتمر الدوليّ الثاني للعلوم الإنسانية بيانا مؤمّلا و أضاف: قد اتضح من خلال هذا البيان أن علماءنا و مثقفينا في العلوم الإنسانية قد عرفوا مقتضيات هذه العلوم الضرورية من قبيل توطين العلوم الإنسانية و الاهتمام بالعلوم الإنسانية الإسلامية كقضايا يجب الاهتمام البالغ بها.

و عبر إشارة آية الله الهادوي إلى أنه قد مرّت سنين عديدة حتى وصلنا إلى هذا المستوى من الرؤية قال: لعله قبل 18 أو 19 سنة أوصى سماحة السيد القائد وزير العلوم وقتئذ على إنجاز عمل جادّ في مجال العلوم الإنسانية. فهيئت في ذلك الوقت بعض المقدمات وقد كلّف البعض بالسعي و العمل في هذا المجال، و إحدى نتائج تلك المساعي تأسيس مجلس لتقييم و دراسة المناهج الدراسية في العلوم الإنسانية حيث قد عقد طوال هذه السنين جلسات و لجان متعددة و كانت له ثمرات و بركات حسنة.

و قال رئيس لجنة الفقه و الحقوق في مجلس تقييم و دراسة المناهج الدراسية لوزارة العلوم و التحقيقات و التكنولوجيا: الواقع هو أننا نواجه قلقا بالغا في مجال الأبحاث الإسلامية ما أدى إلى خوضي في هذا البحث قبل حوالي 23 سنة و هو أنه كيف نستطيع أن ننظر في مختلف العلوم الإنسانية من الرؤية الإسلامية.

و عبر إشارته إلى أن الشهيد الصدر و الشهيد مطهري و الشهيد بهشتي و آخرين غيرهم قد قاموا بأعمال قيّمة جدا في مجال العلوم الإنسانية قبل الثورة، قال: و لكن الواقع هو أننا و من أجل الحصول على الرؤى الإسلامية في مجال العلوم الإنسانية بحاجة إلى نظرية جامعة نقدر من خلالها على استخراج مختلف العلوم الإنسانية من الإسلام. فانطلاقا من هذا السؤال بدأنا بأبحاث في مجموعتنا الحوزوية و على أساس تلك الأبحاث وصلنا إلى رؤية جديدة حول الاجتهاد.

و قال عضو المجلس الأعلى في مجمع أهل البيت العالمي (ع): على أساس التعريف التقليدي عن الاجتهاد، كانوا يحصرون الفقه و الفقاهة في نطاق الأحكام الشرعية فحسب. و نحن حاولنا أن نعطي تعريفا أوسع للاجتهاد و هو اجتهاد منهجي في سبيل كشف العناصر الدينية. و في سبيل الخوض في هذه الأبحاث نحن بحاجة إلى توسعة نطاق الاجتهاد من جانب و إلى توسعة و تطوير أساليب الاجتهاد من جانب آخر.

و صرح قائلا: الأمر المهمّ هنا هو أننا و من أجل الخوض في العلوم الإنسانية الإسلامية، يجب أن نتخذ اتجاها منهجيا تجاه المفاهيم الإسلامية و هو اتجاه حديث ليس بقديم. وبالرغم من أن المضامين الموجودة في المصادر الإسلامية قادرة على تزويدنا في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، بيد أن الرؤية المنهجية إلى هذه المصادر و استخراج نتائج هذه الرؤية المنهجية التي يمكن أن تدوّن في إطار مجموعة متناسقة منسجمة، ليس أمرا قديما في تاريخ الفكر الإسلامي.

و أكمل عضو الهيئة الأمناء لجمعية الحكمة و الفلسفة في إيران قائلا: هناك سؤالان أساسيان و اجهناهما طوال هذه العقود الثلاثة و لا زالت تطرح في كثير من الأوساط، و هي أن هل مضامين العلوم الإنسانية موجودة في الإسلام، و هل يمكن التحدث عن العلوم الإنسانية الإسلامية. و لا زالت هذه الأسئلة تطرح بعد مرور ثلاثة عقود من الثورة الإسلامية. كما يطرح هذا السؤال بالنسبة إلى الاقتصاد الإسلامي مثلا، مع أن بعض العلماء و المفكرين قد أجابوا عن هذا السؤال قبل حوالي نصف قرن.

و أضاف قائلا: النقطة المهمة الأخرى هي السؤال الثاني، و هو أنه إذا كان الإسلام حاويا لمضامين في خصوص العلوم الإنسانية، فكيف نستطيع أن نحصل عليها. نحن و من أجل الحصول على هذه الرؤية في كيفية الحصول على آراء الإسلام في مجال العلوم الإنسانية، طرحنا نظرية لأول مرّة في عام 68ش في مؤتمر حول علوم القرآن بقم و سميناها بنظرية "الفكر المدون في الإسلام".

و أشار أستاذ دروس خارج الفقه و الأصول في الحوزة العلمية بقم إلى أن هذه النظرية قد بحثت و درست طوال هذه 22 السنة و بمختلف الأساليب في كتب و مقالات و دراسات بعض الأوساط الجامعية سواء في داخل البلد و خارجه و قال: و قد خضعت هذه النظرية لبعض التغييرات و التطورات و قد طرحت بتقارير مختلفة. و تهدف هذه النظرية إلى الجواب عن هذا السؤال و هو أنه كيف نستطيع أن نكتشف رؤى الإسلام في مختلف العلوم الإنسانية.

و عبر إشارته إلى أن قابلية البلد قد بلغت بعد 22 سنة إلى مستوى الاهتمام بهذه النظرية قال: يمكن الاستفادة من مضمون هذه النظرية خاصة لدراسة النموذج الإسلامي الإيراني للتطور الذي مطروح في الساحة اليوم. إن هذه النظرية قائمة على مقدمة كلامية حول مراتب الدين. حيث قد ذكرنا أربع مراتب للدين و قد أشرنا هنا إلى مرتبتين فقط و هي مرتبة الدين في نفس الأمر و الدين المرسل.

و تابع آية الله الهادوي الطهراني قائلا: بناء على هذه المقدمة التوضيحية نصل إلى الدين الخاتم و مؤشرات الدين الخاتم أي الإسلام. الإسلام الذي نعتبره الدين المرسل الأخير و الخاتم، في الواقع ينطوي على جميع عناصر الدين في نفس الأمر الذي يجب أن يصل إلينا عن طريق الوحي. إذن الجامعية التي هي من مؤشرات الخاتمية ليست بمعنى أن يكون الدين شاملا لجميع ما يواجهه الإنسان في هذه الدنيا، بل بمعنى أن يكون متضمنا للدين في نفس الأمر الذي كان يجب أن يبلّغ عن طريق الوحي.

و أشار إلى أن الدين في نفس الأمر هو في الواقع حقيقة ثابتة قبل خلق الإنسان في علم الله و هو يحدّد درب سعادة الإنسان و قال: بالرغم من أن الدين في نفس الأمر حقيقة خارجة عن نطاق الزمان و المكان و ليست تابعة للظروف، بيد أن الأديان المرسلة و حتى الدين الخاتم تحتوي على عناصر موقعية؛ و هي العناصر التي سماها الشهيد المطهري بالعناصر المتغيرة و نحن سميناها في هذه النظرية بالعناصر الموقعية؛ أي العناصر التابعة للموقع و الظروف في مقابل العناصر العالمية الشاملة.

و أردف عضو الهيئة الأمناء لجمعية الحكمة و الفلسفة في إيران قائلا: بهذه المقدمة نريد أن نؤكد على هذه النقطة و هي أنه عندما نراجع المصادر الإسلامية لابد أن نلتفت إلى أن الدين المرسل و الخاتم الذي نشاهده في المصادر الإسلامية يتضمن من مفاهيم عالمية شاملة و مفاهيم تابعة لتلك الظروف الخاصة التي كان يعيشها النبي (ص) و قد طرحها وفقا لتلك الظروف. فعلى سبيل المثال قد احتوى الإسلام على مفاهيم اقتصادية كما هو الواقع، و لكن ما أنشأه النبي في مدينة الرسول كان تابعا لمقتضى ظروف مدينة الرسول.

و أضاف قائلا: القضية الأخرى التي كانت و لا زالت من أكبر مشاكل حركة الدراسات الإسلامية، هي الرؤية التجزيئية و غير المنهجية إلى العناصر الإسلامية. حيث لم ننظر إلى العناصر الإسلامية من حيث ارتباطها مع بعض. طبعا هناك تصور و فرض للعناصر الممنهجة في تراث الشهيد الصدر و الشهيد المطهري و بعض آخر من علماء الإسلام، و لكن لم يقدّم تعريف دقيق عن منهجية المعارف الإسلامية كما أن عملية تبويب هذه المعارف في كلمات هؤلاء العلماء العظام قد تمّت بشكل غامض و مبهم جدا.

قال عضو المجلس الأعلى لمجمع أهل البيت العالمي (ع): لقد حاولنا في نظرية الفكر المدون أن نزيد من مصداقية و وضوح هذا التبويب و نقدم معايير دقيقة لكل من المجموعات و أسلوب ترابطها مع بعض و على هذا الأساس تحركنا إلى تقديم منهجية حديثة كما قد قدمنا نماذج من هذه المنهجية في مجالات مختلفة. إن هذه النظرية تقدم مجموعة مبوبة من العناصر العالمية الشاملة.

و قام في تكملة حديثه بتبيين منهجية علم الاقتصاد الإسلامي في نظرية الفكر المدون الإسلامي و أضاف قائلا: عندما نتكلم عن الاقتصاد الإسلامي فهذا بمعنى دراسة السلوك الاقتصادي للأشخاص الذين يعيشون في مجتمع يحكمه النظام الاقتصادي الإسلامي المركّب من الفلسفة و المدرسة و النظام و الآليات.

و عبر بيان أستاذ دروس خارج الفقه و الأصول في الحوزة العلمية بقم إلى أن هذه النظرية قد حاولت أن توجد الأرضية النظرية لتعاون علماء و مفكري الحوزة و الجامعة مع بعض أكد قائلا: لن تتحقق العلوم الإنسانية الإسلامية من خلال رفع الشعارات و إصدار البيانات و عقد الجلسات و حسب. يجب أن ننقّح الأسس النظرية لهذا البحث و ندعم المنتجين لهذه الأسس النظرية بدعم مادي و معنوي.[1]

و جدير بالذكر أن في ختام هذه الجلسة الختامية تم تكريم الأستاذ المخضرم في مجال العلوم التربوية سماحة الدكتور شريعتمداري على يد سماحة آية الله الهادوي الطهراني.[2]

مكتب آية الله مهدي الهادوي الطهراني

    

 


[1] . الرابط ذات الصلة: و كالة الأنباء القرآنية الإيرانية

[2] . مركز دراسات العلوم الإنسانية