خطأ
  • XML Parsing Error at 9:12. Error 76: Mismatched tag

صحیفة خراسان تحاور آية الله هادوي الطهراني (دامت بركاته)

الأربعاء, 05 كانون2/يناير 2011 13:13
نشرت في أخبار

حوار یستعرض الموقف الفقهي من قضية تصوير الممثل الذي يقوم بدور العباس (ع) في مسلسل المختار بلا تظليل للوجه

يتابع هذه الايام جمهور غفير من المشاهدين مسلسل "حياة المختار" و الذي تبثه القناة الاولى من تلفزيون الجمهورية الاسلامية حيث حظي المسلسل باستقبال جماهيري كبير جداً، الا أنه قد تناهى الى الاسماع أن الحلقات التي تتعلق بواقعة عاشوراء و التي ستعرض لاحقا قد تم فيها تصوير الممثل الذي يلعب دور العباس بن علي (ع) مكشوف الوجه و من دون تظليل، الأمر الذي استدعى الاستفتاء من بعض مراجع الدين حفظهم الله فكان موقف البعض منهم دام عزّهم موقف الرافض لهذا العمل. و نحن هنا نحاول في هذا اللقاء استعراض رأي سماحة آية الله الشيخ مهدي هادوي الطهراني (دامت بركاته) في هذه القضية.

* يعرض هذه الأيام مسلسل حياة المختار و الذي لاقى اقبالا كبيراً من قبل الجماهير المتابعة له، لكن هناك تسريبات خبرية تقول بانه قد تم تصوير الممثل الذي يلعب دور العباس بن علي (ع) مكشوف الوجه و من دون تظليل في الحلقات المتعلقة باحداث عاشوراء و التي لم تنشر بعد طبعاً، الأمر الذي ولّد ردود فعل رافضة من قبل بعض الفقهاء حفظهم الله تعالى حتى قيل بانه سوف يتم حذف هذه اللقطات من المسلسل؛ السؤال المطروح هنا: ما هو المستند الفقهي و الديني لهذا الرأي الرافض؟

** هناك قلق يساور بعض علمائنا من أن قضية عرض صورة الممثل الذي يلعب دور العباس بن علي (ع) قد تنجر الى الاسائة اليه (عليه السلام) و قد تكون منافية لشأنه (ع). و من المحتمل أن هذه المواقف الرافضة من قبل بعض العلماء حفظهم الله منطلقة من الخشية من هتك حرمة العباس (عليه السلام). فاذا كان الأمر كذلك و كان عرض المسلسل يولّد حالة من الاسائة و عدم الاحترام له (عليه السلام)، فلا ريب أنه لا يجوز قطعاً عرض الصورة من دون تظليل، بل لا يشك أحد في حرمة ذلك العمل. لكن الملاحظ أنه لا اشكال في عرض الصورة في حد نفسه و من دون ترتب العناوين الثانوية عليه من قبيل (الاهانة و الاساءة و عدم الاحترام)، و اما اذا ترتبت العناوين الثانوية فلاشك في الحرمة.

من هنا لابد من البحث عن تلك الشروط و العناوين الثانوية و بحسب تعبير الفقهاء إن هذا القضية من قبيل "الشبهة المصداقية" لنرى أي العناوين يعتبر من مصاديق الامور الهاتكة للحرمة كي يجب اجتنابها و التصدي لها؟ و أيها لا يعد كذلك؟ و الظاهر من القرائن أن هذا المسلسل لا يعد من المصاديق الهاتكة للحرمة فلا محذور في عرض الصورة من دون تظليل.

* ما هو السبب الذي يدعو بنظركم أبناء المجتمع هنا لابداء كل هذه الحساسية و ردة الفعل قبال قضية عرض المسلسل من دون تظليل للصورة الأمر الذي انجر لصدور بعض المواقف الرافضة من قبل العلماء؟

** أعتقد بان هذه الحساسية منطلقة من الرؤية التي يحملها أبناء الشعب الايراني لأبي الفضل (ع) فكلنا يعلم المكانة التي يحظى بها عليه السلام في أوساط الجماهير الايرانية و قوة العلاقة العاطفية الكبيرة التي تربطهم به و مدى الاحترام الفائق الذي تكنه الجماهير له عليه السلام، من هنا نراهم قلقين و يخشون من انجرار العمل و تصويره بهذه الطريقة– لا سامح الله- الى توجيه الاهانة و سلب الحرمة عنه عليه السلام. أضف الى ذلك أن مخرج المسلسل السيد داود مير باقري من المخرجين المعروفين على الساحة الفنية و الذي تتسم نتاجاته التلفزيونية بكثرة الجماهير المتابعة لها و دورها المؤثر في المتلقي، من هنا نجد القلق يساور الكثير من الناس من الانعكاس السلبي لدى هذا الطيف الكبير من الجماهير و الضربة التي قد يوجهها هذا الفعل لمعتقدات المشاهدين و المتابعين، و الا فالقضية واضحة لان عرض صورة المعصومين في الافلام لا اشكال فيه في حد نفسه الا اذا ترتب عليه – كما قلنا- مفسدة عارضة كالاساءة لشخص المعصوم (ع).

* إذن، و لتحديد هذه القضية (عرض صور من يمثل دور المعصومين من دون تظليل) و معرفة هل هي من الامور المسيئة لهم أم لا؟ لابد من الرجوع فيها الى العرف الاجتماعي؛ خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار التعليل الذي ذكره أحد الفقهاء (حفظه الله) حيث قال: إن الممثل الذي يلعب الدور في هذا المسلسل مثلا قد يلعب – حسب طبيعة عمله كممثل- دوراً منافياً لذلك الدور من الناحية السنخية، الامر الذي قد ينجر الى سلب الاحترام عنه عليه السلام؟

** قلت إن هذا الموقف ناتج من القلق و الخشية من الاساءة لشخصية العباس عليه السلام. فاذا ثبت حقيقة بان ما يقوم به الممثل من أدوار في المستقبل من الممكن أن تؤدي الى سلب الاحترام عنه (ع) و أن هذه الرؤية السلبية سوف تنطبع في أذهان المخاطبين و المشاهدين فلا شك في عدم جواز القيام بهذا العمل. لكن من المتعارف في اوساط الجماهير أنهم يدركون جيداً أن هذا الشخص إنما يمثل دور العباس (ع) إنطلاقا من حرفته كممثل و قد يكلف في مسلسل آخر او فيلم آخر بلعب دور مغاير لذلك. و لقد ارتقى الوعي الجماهير الى درجة كبيرة عالية بحيث اصبحوا يفرقون بين الممثل و الفنان و بين الشخص الذي يراد عرض شخصيته حقيقة، فهم يدركون أن الممثل مجرد لاعب للدور فقط و أن القضية مجرد فيلم و ليست اكثر من ذلك، من هنا حتى لو صدر من الممثل خطأ أو لعب دوراً منافياً لدوره السابق فلا يرون في ذلك منافاة. إن الوعي الجماهيري وصل الى درجة من الرقي جعلهم يفرقون بين الامرين. و هذه القضية ليست بدعا فقد سبقتها اعمال فنية أخرى حيث شاهدنا من يمثل دور النبي يوسف (ع) و من تمثل دور السيدة مريم (ع) و كلاهما من الشخصيات التي ذكرت باجلال في القرآن الكريم، و في نفس الوقت نرى نفس الممثل او الممثلة قد قام بادوار أخرى – و فقا لطبيعة عمله- و لم ينعكس ذلك سلباً على رؤية الجماهير ليوسف أو مريم عليهما السلام و لم نجد من اعترض على ذلك.

* مع الاخذ بنظر الاعتبار أن السينما و التلفزيون يعدان من وسائل الاعلام و الاتصالات الحديثة التي لم يكن لها وجود في سالف الازمان أو ما يعبر عنها بالامور المستحدثة التي لم يواجهها الفقهاء فمن هنا يقتضي الأمر أن يصل الفقهاء الى موقف مجمع عليه في هذه القضية، ما هو رأيكم في ذلك؟

** كلا، ليس الأمر كذلك، فليس الموضوع من المسائل المستحدثة لان فن العرض الشعبي و الفن المسرحي من الفنون الشعبية القديمة و التي تمتد جذورها الى ما قبل الاسلام و ان كانت السينما و التلفزيون – التي تعد من آليات عرض هذا الفن- من التقنيات الحديثة، لكن العرض الفني كان موجوداً و باساليب مختلفة منها على سبيل المثال قضية التعزية و عقد مجالس العزاء و هذه من الامور القديمة جداً و التي تعد من الاساليب المهمة في عرض مصائب و احداث كربلاء و لم يعترض الفقهاء على الافراد الذين يمثلون دور الائمة عليهم السلام في مثل هذه العروض، لان الجميع يعلمون أن هؤلاء يمثلون الدور فقط، نعم، ينبغي أن لايكون التمثيل يحمل جانبا من الذم للمعصومين (ع) و لا يخل بقداستهم و البعد المعنوي في شخصيتهم. و ما ذكرتموه من ضرورة توصل الفقهاء الى إجماع في هذه القضية! كلا، ليس الامر من الامور التي تحتاج الى إجماع و اتفاق نظر و ليس من الضروري أن يذهب الجميع الى رأي مشترك في هذه القضية، فكما أن الاجماع لم يحصل في قضية فن التعزية كذلك هنا حيث ذهب بعض العلماء الى جواز عرض صورة من يمثل دور الائمة من دون تظليل و البعض الآخر منعوا من ذلك. طبعاً، أأكد مرة اخرى على أن عدم الجواز ليس أمراً ذاتياً للقضية بل المنع ناتج من الحكم الثانوي و احتمال الاهانة و سلب الاحترام عنهم (ع). و هذا الاختلاف لا ينطلق من كون الفقيه على علم بالسينما و التلفزيون أو لا؟ فان هذه القضية (المعرفة و عدم المعرفة) ليست جوهرية هنا و ليست بالامر المؤثر و انما المهم استنباط الفقهاء و فهمهم لهذه القضية و هي هل العرض يتنافى مع قداسة الائمة (ع) أو لا؟ فذهب كل فريق الى رؤية خاصة و بالتبع الى موقف محدد.

* مع الاعتراف بالدور الفاعل الذي تقوم به وسائل الاعلام الحديثة كالسينما و التفلزيون في توعية الجماهير و هدايتهم و تقوية الجانب المعرفي عندهم و خاصة الجانب الديني منها، أ لا يعد تحديد المخرجين و منعهم من عرض صور المعصومين (ع) سالباً لفرصة ايصال تلك المعارف عامة و حياة المعصومين خاصة و يحد من فاعلية تلك الوسائل و المنابر الاعلامية؟

** انا اشاطركم الرأي، و لذلك قلت لا اشكال من الناحية الشرعية في عرض صور الممثلين لدور المعصومين (ع) في حد نفسه الا اذا ترتبت مفسدة على ذلك، فاذا خلت القضية من المفسدة و كان العرض وسيلة لنشر المباني الدينية و المعارف الالهية و تعريف الناس بالمعصومين و ترويج افكارهم عليهم السلام فحينئذ لايقف الامر عند حدود الجواز و الاباحة فقط بل يرتقي الى الاستحباب و الترجيح، لان هذا الممثل ينشر في حقيقة الأمر الدين و يبلغ المعارف الدينية من خلال تلك الوسائل الاعلامية الحديثة؛ طبعا شريطة أن تكون بصورة صحيحة و في إطار الشرع فاذا اقتضت الضرورة ان يعرض وجهه و صورته بطريقة مباشرة أمام الجماهير جاز له عرضه. و هذا ما حدث سابقا كما في مسلسل النبي يوسف (ع) اذ شخص المخرج أنه لما كان محور القصة يدور حول شخصية يوسف (ع) فلابد من ان تعرض مراحل حياته من الطفولة و حتى الوصول الى مسند الحكم و السلطنة و هذه ضرورة اقتضتها القصة فحينئذ عرض صورة الممثل لدور النبي يوسف (ع)، و لكن قد لا توجد هذه الضرورة في مسلسل آخر كما حدث في مسلسل الامام الرضا (ع) أو فيلم محمد رسول الله (ص) حيث لم ير المخرج ضرورة لعرض صورة الممثل هنا، فالمخرج قد يستطيع ان يحقق رسالة الفلم او المسلسل من دون عرض صورة الممثل و لكن لو اقتضت الضرورة ذلك و لم يوجد ما ينافي مقامهم المقدس عليهم السلام فحينئذ يمكنه عرض صورة الممثل.

* ما هو موقف علماء أهل السنة من هذه القضية؟ وهل تختلف رؤاهم كما هو الحال عند فقهائنا؟

** نعم، الأمر كذلك! فانهم كفقهائنا حيث ذهب بعضهم الى منع ذلك و من هذا المنطلق نراه قد أفتى بحرمة مشاهدة مسلسل النبي يوسف (ع) و افتى بحرمة ذلك، و في المقابل ذهب البعض الآخر منهم الى الجواز.

***حاورته صحيفة خراسان الاربعاء1/10/1389 العدد 17728